الصَّنَوْبَرَاتُ تَنُوحُ حِينَ تَعْبُرُ الرِّيحُ |
الشَّمْسُ تَخْبِطُ الأَرْضَ وَتَحْتَرِقُ الحِجَارَةُ. |
بَعِيداً تَتَرَجَّلُ آلِهَةُ البَحْرِ العَجِيبَةُ |
لَهَا بَيَاضُ المِلْحِ وَلَمَّاعَةٌ مِثْلَ الأَسْمَاكِ. |
فَجْأَةً، طُيُورٌ ضَارِيَّةٌ |
مَرْمِيَّةٌ فِي الوَمْضِ مِثْلَ حَصيً. |
تَصْعَدُ وَتُنْفِقُ عَمُودِيّاً فِي السَّمَاءِ |
وَالفَضَاءَاتُ تَتَشَبَّثُ بِجُسُومِهَا. |
تُسْرِعُ الأَمْوَاجُ وَهْيَ تَنْكَسِرُ فِي الضَّوْءِ |
تُزَيِّنُ جَبْهَتَهَا الأَعْمِدَةُ |
وَثَمَّةَ حَنِينٌ جِدُّ قَدِيمٍ إِلَي الصَّوَارِي |
يَتَأَرْجَحُ بَيْنَ أَشْجَارِ الصَّنَوْبَرِ. |
* |
ترجمة: حسن نجمي |
عَلَي الشَّاطِئِ تَرْقُدُ سُفُنُ الصَّيْدِ. |
جَامِدَةٌ لَكِنْ مُفَتَّحَةُ الأَعْيُنِ، |
أَعْيُنِ التَّمَاثِيلِ التِي لَهَا |
وَمُنْحَنَي مِنْقَادِهَا |
يَقْضُمُ العُزْلَةَ. |
نَحْنُ نَتَحَقَّقُ |
نَحْنُ نَتَحَقَّقُ مِنْ كَذِبِ الحُلْمِ. |
إِذَا كُنْتَ تُرِيدُهُ هَكَذَا، يَا إِلَهِي. |
سَنَكْسِرُ زُجَاجَ السَّرَابِ، |
سَنَكْسِرُ قَوْسَ قُزَحِ الارْتِبَاطِ بِالوَرْدِ. |
أَيُّهَا الشِّعْرُ - كُلُّ مَا كُنْتُ طَلَبْتُهُ مِنْكَ |
أَيُّهَا الشِّعْرُ - كُلُّ مَا كُنْتُ طَلَبْتُهُ مِنْكَ! |
أَرْضٌ لِلاَ أَحَدٍ، وَهَا هِيَ ذِي حَيْثُ أَحْيَا |
وَلاَ أَعْرِفُ مَنْ أَكُونُ - أَنَا التِي لَمْ أَمُتْ |
عِنْدَمَا كَانَ المَلِكُ قَدْ مَاتَ وَانْقَسَمَتِ المَمْلَكَةُ. |
فِي الزَّمَنِ المُوَزَّع |
قَصِيدَةُ حُبٍّ لأَنْطوَانْ وَكْلِيُوبَّاتْرَا |
بِيَدَيْكَ قِسْتُ العَالَمَ |
وَعَلَي المِيزَانِ الدَّقِيقِ لِكَتِفَيْكَ |
وَزَنْتُ ذَهَبَ الشَّمْسِ وَشُحُوبَ القَمَر. |
* |
ترجمة: حسن نجمي |
مُشْرِقَةٌ هِيَ الأَيَّامُ اللاَّغِيَةُ |
حِينَمَا كَانَتِ الظَّهِيرَةُ تَفْتَرِسُ ظِلَّ الأَعْمِدَةِ |
وَكَانَتْ زُرْقَةُ السَّمَاءِ تَسْحَبُ إِلَيْهَا الأَرْضَ |
السَّاكِنَةَ فِي جَلَبَةِ الأَوْرَاقِ وَالآلِهَةِ. |
بَعِيدَةٌ وَمَضْبُوطَة |
بَعِيدَةً وَمَضْبُوطَةً تَتَوَجَّهُ الطُّرُقُ |
فِي مُغَامَرَةٍ ضَلِيلَةٍ. |
وَالنَّسِيمُ البَحْرِيُّ يَقْتَرِبُ |
وَيَنْتَشِرُ فِي الهَوَاءِ. |
إِنَّهُ الأَزْرَقُ وَالأَخْضَرُ وَنَدَاوَةُ عَصْرٍ |
مَيِّتٍ يَعُودُ |
عَلَي أَحْصِنَتِهِ الكْرِيسْطَالِيَّةِ المُضِيئَةِ |
لِيَتَقَصَّفَ فِي الأُفُقِ. |
هَبْ لِي الشَّمْسَ |
هَبْ لِيَ شَمْسَ المِيَاهِ الزَّرْقَاءِ وَالمَدَارَاتِ |
عِنْدَمَا يَمْتَلِئُ العَالَمُ بِمَنْحُوتَاتٍ جَدِيدَةٍ |
وَتَنْقَضُّ الأَمْوَاجُ، مُطَأْطَأَةَ الرَّأْسِ، |
مِثْلَ أَحْصِنَةِ الأُسْطُورَةِ البَيْضَاءِ ذَاتِ القَرْنِ. |
* |
ترجمة: حسن نجمي |
كَانَ لِي أَصْدِقَاءٌ ظَلُّوا يَمُوتُونَ، أَصْدِقَاءٌ ظَلُّوا يُغَادِرُونَ |
آخَرُونَ كَانُوا يَكْسِرُونَ وَجْهَهُمْ بِاتِّجَاهِ الزَّمَنِ. |
كُنْتُ أَكْرَهُ مَا كَانَ سَهْلاً |
وَبَحَثْتُ عَنْ نَفْسِي فِي الضَّوْءِ، فِي البَحْرِ، فِي الرِّيحِ. |
الكِتَابُ السَّادِس |
عَرُوسُ الشِّعْر |
عَرُوسَ الشِّعْر عَلِّمِينِي الإنْشَادَ |
الجَلِيلَ العَتِيقَ، |
الإِنْشَادَ مِنْ أَجْلِ الجَمِيعِ، |
الشَّامِلَ لِكُلِّ شَيْءٍ |
عَرُوسَ الشِّعْرِ عَلِّمِينِي الإِنْشَادَ |
الشَّقِيقَ الحَقَّ لِلأَشْيَاءِ |
مُلْهِبَ اللَّيْلِ |
وَالسِّرَّ فِي المَسَاءِ |
عَرُوسَ الشِّعْرِ عَلِّمِينِي الإِنْشَادَ |
حَيْثُ أَنَا نَفْسِي أَتَبَدَّلُ |
بِلاَ تَبَاطُؤٍ وَدُونَ تَهَوُّرٍ |
فَأُصْبِحُ نَبَاتاً أَوْ حَجَراً |
أَوْ جِدَاراً أَيْضاً |
لِلدَّارِ البِدَائِيَّةِ |
أَوْ هَدِيراً |
لِلْبَحْرِ الذِي كَانَ يُحْدِقُ بِهَا |
(أَتَذَكَّرُ الأَرْضِيَّةَ |
ذَاتَ السَّقِيفَةِ المَغْسُولَةِ |
وَرَائِحَتَهَا |
التِي كَانَتْ تَخْتَرِقُنِي) |
عَرُوسَ الشِّعْرِ عَلِّمِينِي الإِنْشَادَ |
حَيْثُ يَتَنَفَّسُ البَحْرُ |
مُزَيَّناً بِالالْتِمَاعَاتِ |
عَرُوسَ الشِّعْرِ عَلِّمِينِي الإِنْشَادَ |
مِنَ النَّافِذَةِ المُرَبَّعَةِ |
مِنَ الغُرْفَةِ البَيْضَاءِ |
لَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ كَيْفَ |
لَمَسَ المَسَاءُ هُنَا |
المَائِدَةَ وَالبَابَ |
المِرْآةَ وَالجَسَدَ |
وَكَيْفَ اسْتَعَادَهُمْ |
لأنَّ الوَقْتَ يَبْتُرُنِي |
يَقْتَسِمُنِي الوَقْتُ |
يَجْتَازُنِي الوَقْتُ |
وَيَفْصِلُنِي حَيَّةً |
عَنِ التُّرَابِ وَعَنِ الجِدَارِ |
فِي الدَّارِ البِدَائِيَّةِ |
عَرُوسَ الشِّعْرِ عَلِّمِينِي الإِنْشَادَ |
الجَلِيلَ العَتِيقَ |
لِكَيْ أَلْتَقِطَ وَمْضَ |
ذَلِكَ الصَّبَاحِ الصَّقِيلِ |
الذِي كَانَ يَضَعُ بِهُدُوءٍ |
أَصَابِعَهُ فَوْقَ الرَّابِيَّةِ |
وَيَمُرُّ ثَانِيَةً بِالجِيرِ عَلَي جُدْرَانِ |
الدَّارِ النَّظِيفَةِ البَيْضَاء |
عَرُوسَ الشِّعْرِ عَلِّمِينِي الإِنْشَادَ |
الذِي يَذْبَحُ لِي الحُنْجُرَةَ |
* |
ترجمة: حسن نجمي |