النوع الرابع: علوم المتن
أ- القسم الأول: علوم المتن من حيث قائله
1. الحديث القدسي
2. الحديث المرفوع
3. الموقوف
4. المقطوع
مسائل تتعلق بالموقوف والمقطوع
المسألة الأولى: مذاهب العلماء في حجية الحديث الموقوف
المسألة الثانية: ما له حكم الرفع من الحديث المقطوع لا يحتج به
ب- القسم الثاني: علوم متن الحديث من حيث درايته
1-غريب الحديث
2-أسباب ورود الحديث
3-ناسخ الحديث ومنسوخه
4-مختلف الحديث
5-محكم الحديث
المتن: هو ما انتهى إليه السند من الكلام.
ينقسم هذا النوع إلى قسمين:
أ- القسم الأول: علومُ متن الحديث من حيث قائله.
1-الحديث القدسي
الحديث القدسي: هو ما نُقل إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم مع إسناده إياه إلى ربه عز وجل.
ومن أمثلة الحديث القدسي:
حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى:
(( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )) .
[أخرجه مسلم وابن ماجه].
الفرق بين الحديث القدسي وبين القرآن:
"إن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي، وأما الحديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول ومعناه من عند الله بالإلهام أو بالمنام".
ويختص القرآن بخصال ليست في الحديث القدسي أهمها:
1-أن القرآن معجز من أوجه وهي: كونه معجزة باقية على ممر الدهر، محفوظة من التغيير والتبديل، وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبتعينه في الصلاة، وبتسميته قرآناً....
2-أننا تعبدنا بلفظ القرآن، ولا يجوز لمسه لمحدث ولا قراءته للجنب على ما ذهب إليه الأئمة الأربعة.
3-تواتر القرآن، وعدم تواتر الأحاديث القدسية -وهي ما نقل إلينا آحاداً بل فيها ما يضعف.
2-الحديث المرفوع
الحديث المرفوع: هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة وسواء كان المضيف هو الصحابي أو من دونه متصلاً كان الإسناد أو منقطعاً، فيدخل في المرفوع الموصول والمرسل والمتصل والمنقطع وهذا هو المشهور في حقيقته، وهناك أقوال أخرى في حقيقته وتعريفه.
3-الموقوف
وهو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير، سواء كان الإسناد إليه متصلاً أم منقطعاً.
سمي موقوفاً لأنه وقف به عند الصحابي، ولم يرتفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
4- المقطوع
هو: ما أضيف إلى التابعي أو من دونه من قول أو فعل.
حكم الاحتجاج به:
المقطوع لا يحتج به في شيء من الأحكام الشرعية، أي ولو صحت نسبته لقائله، لأنه كلام أو فعل أحد المسلمين، لكن إن كانت هناك قرينة تدل على رفعه، كقول بعض الرواة: -عند ذكر التابعي- "يرفعه" مثلاً، فيعتبر عندئذ له حكم المرفوع المرسل.
مسائل تتعلق بالموقوف والمقطوع
المسألة الأولى:
اختلف العلماء في الاحتجاج بما ثبت عن الصحابة من الموقوفات في إثبات الأحكام الشرعية.
فذهب الحنفية ومالك وأحمد إلى أنه حجة، لما أن حال الصحابة كان العمل بالنسبة وتبليغ الشريعة .
المسالة الثانية: ما له حكم الرفع:
إذا احتف الحديث الموقوف بقرائن معنوية أو لفظية تدل على رفعه فإنه يكون له حكم المرفوع ويحتج به.
وذلك في عدة صور بينها العلماء وهي:
أنواع الموقوف: الموقوف من حيث الحكم نوعان: موقف له حكم المرفوع، وموقوف ليس له حكم المرفوع. والأول على وجوه:
الأول: قول الصحابي: أُمرنا أو نهينا أو أوجب علينا أو أبيح لنا أو نحو ذلك من الإخبار عن الأحكام بصيغة ما لم يسم فاعله.
فكل ذلك مرفوع، لأن الآمر في ذلك والناهي والموجب هو النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: قول الصحابي: كنا نفعل، أو كنا نقول، أو كانوا يفعلون، أو كانوا يقولون، أو كنا لا نرى بأساً بكذا، أو كانوا لا يرون بأساً بكذا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسم وهو فينا، أو بين أظهرنا.
الثالث:قول صحابي: من السنة كذا، أو أصبت السنة أو السنة كذا وكذا.
الرابع: أن يتكلم الصحابي كلاماً في أمور نقلية أو يعمل عملاً لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، أو يحكم على فعل أنه طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو معصية.
الخامس: أقوال الصحابة في أسباب نزول الآيات الكريمة كقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزوَّدون ويقولون نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] رواه البخاري.
وكذلك أقوال الصحابة في تفسير الآيات ومعانيها على وجه لا علاقة له باللغة،العربية، ولا مجال للرأي والاجتهاد فيه، كتفسير أمر مغيب من أمور الدنيا أو الآخرة أو الجنة أو النار، أو تعيين ثواب أو عقاب أو نحو ذلك. كقول أبي هريرة رضي الله عنه في تفسير {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدثر: 29] قال: تلقاهم جهنم يوم القيامة فتلفهم لفحة فلا تبقي لحماً على عظم.
وأما تفسير الصحابي المشتمل على بيان المعاني اللغوية، أو بيان حكم للرأي فيه مجال: فليس له حكم المرفوع.
السادس: قول التابعي فمن دونه عند ذكر الصحابي: يرفعه، أو يرفع الحديث، أو ينميه، أو يبلغ به، أو يرويه، أو رواه، أو رواية، فإن ذلك كله له حكم المرفوع. قال الحافظ العراقي:
وقولهم: يرفعه، يبلغ به رواية، ينميه: رفع فانتبه
ويلتحق بذلك ما إذا قيل عند ذكر الصحابي: "قال: قال" ففاعل "قال" الثاني هو النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكره العراقي ومثّل له بما رواه الخطيب بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال:"الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه".
وأما إذا قال الصحابي "عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه" فهو في حكم قوله:عن الله عز وجلّ، ويكون من الأحاديث الإلهية.
النوع الثاني: ما ليس له حكم المرفوع، وهو ما عدا الوجوه التي لها حكم الرفع.
المسألة الثالثة في الحديث المقطوع:
الحديث المقطوع لا يحتج به في إثبات شيء من الأحكام الشرعية، وإذا احتف بقرائن تفيد رفعه، فإنه عندئذ يكون حكمه حكم المرفوع المرسل، لسقوط الصحابي منه.
ب- القسم الثاني: علوم متن الحديث من حيث درايته.
1- غريب الحديث.
غريب الحديث: هو ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها.
ومعرفة معاني هذه الألفاظ علم مهم بالنسبة للمحدث، كي لا يكون ناقلاً للأخبار لا يدري ما يرويه.
2- أسباب ورود الحديث
وهو ما ورد الحديث متحدثاً عنه أيام وقوعه.
ومنزلة هذا الفن من الحديث كمنزلة أسباب النزول من القرآن الكريم .
وهو طريق قوي لفهم الحديث، لأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّبِ.
3- ناسخ الحديث ومنسوخه
النسخ: هو رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر .
وقد وقع النسخ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لحكم جليلة،منها ضرورة التدرج بالناس من حضيض الجاهلية إلى علو المثالية الإسلامية.
ويعرف النسخ بأمور:
منها:- أن يثبت بتنصيص الشارع عليه، كحديث ((نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) . [ أخرجه مسلم وغيره ] .
ومنها:- بجزم الصحابي المتأخر، كحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
(( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار )) [أخرجه أبو داود والنسائي ].
ومنها:- ما عرف نسخه بالتاريخ، كحديث شداد بن أوس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أفطر الحاجم والمحجوم )).
ومنها:- ما عرف نسخه بالإجماع. قال السيوطي والمثال الصحيح لذلك ما رواه الترمذي من حديث جابر رضي الله عنه قال: كنا إذا حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نلبي عن النساء، ونرمي عن الصبيان. قال الترمذي: أُجمع أهل العلم أن المرأة لا يلبي عنها غيرها.
4- مختلف الحديث
وربما سماه المحدثون ((مشكل الحديث)).
وهو أن يوجد حديثان متضادان في المعنى بحسب الظاهر.
وهو من أهم ما يحتاج إليه العالم والفقيه، ليقف على حقيقة المراد من الأحاديث النبوية، لا يَمْهَرُ فيه إلا الإمام الثاقب النظر.
5- محكم الحديث.
حكمه: أما الحكم في ذلك فهو أن ينظر في ذلك:
1. فإن أمكن الجمع بينهما بوجه صحيح فلا يعدل عنهما، بل يعمل بهما معاً.
2. وأما إذا كان الحديثان المتعارضان لا يمكن الجمع بينهما، فإن علمنا أن أحدهما ناسخ للأخر بوجه من الوجوه الدالة على النسخ، أخذنا بالناسخ.
3. وإن لم يثبت النسخ أخذنا بالأرجح منهما.
وهو ((الأخبار التي لا معارض لها بوجه من الوجوه)).
مثال ذلك : حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي مستترة بقرام فيها صورة تماثيل، فتَلَوَّن وجهه، ثم أهوى على القرام فهتكه بيده، ثم قال:
"إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله" [ متفق عليه ].