الفرع الثاني : رجوع المالك على المسؤول الحقيقي
[rtl] [/rtl]
[rtl] يلقي القانون المدني الجزائري عبء المسؤولية عن تهدم البناء وفقا لأحكام المادة 140/2 على عاتق مالكه، إذا أثبت المضرور أن الضرر الذي أصابه قد نجم عن تهدم البناء، ويثار التساؤل هل المالك هو الذي سيتحمل في النهاية عبء المسؤولية عن الأضرار الناجمة عن تهدم البناء ؟.[/rtl]
[rtl] يعتبر المالك في القانون المدني الجزائري مسؤولا حتى ولو لم تكن له حراسة البناء، بل ولو كان البناء في حيازة شخص آخر كالمستأجر مثلا، ويظل المالك مسؤولا و لو كان الإهمال في الصيانة أو قدم البناء أو العيب في تشييده لا يرجع سببه إليه، بل إلى شخص آخر غيره، غير أن هذا القول لا يعني أن المالك يتحمل في النهاية كل أعباء المسؤولية، بل بالعكس فإنه سيجد في القواعد العامة للمسؤولية إمكانية الرجوع على من يثبت تقصيره في صيانة البناء أو إحداث عيب فيه، [29] إذ يستطيع المالك بعد دفع التعويض للمضرور و فقا لأحكام المادة 140/2 مدني جزائري الرجوع على المسؤول الأصلي عن الضرر الذي لحق هذا الأخير، و لمعرفة المسؤول الحقيقي عن الأضرار الناجمة عن تهدم البناء يجب التمييز بين حالتين، ذالك أن المسؤول الحقيقي يختلف بحسب ما إذا كان سبب التهدم راجعا إلى عيب في تشييد البناء أو إلى نقص في صيانته.[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]أ)- في حالة العيب في البناء:[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] إن وجود عيب في البناء يعد سببا لإثارة مسؤولية المهندسين المعماريين و مقاول البناء ، و يستطيع المالك أن يتخلص من المسؤولية بصفة كلية أو جزئية بسلوكه إحدى الطريقتين، وذالك إما بإدخال المسؤول الحقيقي سواء أكان مهندسا أو مقاولا في الدعوى المقامة ضده أثناء سيرها، و التي تنتهي في الغالب بتقسيم المسؤولية، أو بسلوك المالك ( ر ب العمل ) الطريق الأصلي، عن طريق رفع دعوى مستقلة ضد المهندس المعماري أو المقاول أو ال إ ثنين معا، و لكن بعد الحكم عليه بتعويض الغير المضرور، و يستند المالك عند سلوكه هذا الطريق إلى القواعد الخاصة بالمسؤولية العشرية، [30] ( والتي لنا إليها عودة بشيء من التفصيل)، المنصوص عليها في المادة 554 مدني جزائري و ما يليها و التي تقابل المادة 1792 و المادة 2270 مدني فرنسي، إذا توافرت شروط تطبيقها، ولا يتقيد المالك ( ر ب العمل ) في رجوعه على المقاول أو المهندس المعماري وفقا لقواعد المسؤولية العشرية بالقدر الذي يكون قد وفى به للغير المضرور، كتعويض عن الضرر الذي أصابه باعتباره مالك البناء المتهدم. [/rtl]
[rtl] و يستفيد المشتري من أحكام هذه المسؤولية الخاصة باعتباره خلفا خاصا للمالك السابق ( ر ب العمل)، إذ تنتقل دعوى الضمان العشري إلى المالك الجديد(المشتري ) مع انتقال ملكية البناء إليه باعتبارها من ملحقاته، وقد نص المشرع الجزائري صراحة في المادة 178/2 من القانون رقم 95/07 المتعلق بالتأمينات على انتقال هذا الحق إلى الملاك المتعاقبين، أما المشرع الفرنسي فقد نص عليه في المادة 1792 مدني فرنسي، و تكون دعوى رجوع المالك ( ر ب العمل) على المشيدين غير مقبولة إذا أقامها بعد انقضاء مدة الضمان العشري، التي تبدأ في السريان من وقت التسلم النهائي للأعمال، وفي هذا الفرض الأخير اعترف الإجتهاد القضائي الفرنسي للمالك ( ر ب العمل) بحق رفع دعوى الحلول ضد المشيدين، و مفاد هذه الدعوى ، حلول ر ب العمل (المالك) محل الغير المضرور في دعواه ضد المشيد (مهندس معماري أو مقاول)، بما يكون قد دفع من تعويض للمضرور بوصفه مالكا وفقا لأحكام المادة 1386 مدني فرنسي والتي تقابل المادة 140/2 مدني جزائري، ولو بعد انقضاء مدة الضمان العشري، و يستند ر ب العمل (المالك ) في هذه الدعوى إلى أحكام المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي، و يترتب على ذالك اعتبار دعوى ر ب العمل (المالك) على المشيدين عن طريق الحلول من طبيعة تقصيرية، [31] و يبقى المالك يحتفظ بحقه في رفع دعوى المسؤولية العشرية ضد المشيدين بوصفه ر ب العمل.[/rtl]
[rtl] و بالرغم من انتقاد الفقه الفرنسي لهذه الدعوى، و عدم قبولها من طرف القضاء الإداري الفرنسي، إلا أن البعض يعتبر رجوع ر ب العمل (المالك) على المشيدين عن طريق دعوى الحلول،حلا لمشكلة تقادم دعوى المســــؤولية العش ـــــ رية [32] . و يستطيع المالك الجديد (المشتري) الرجوع على المالك السابق (البائع)، إذا كان العيب في البناء خفيا أي لم يكن معلوما لدى المشتري وقت البيع، على أساس قواعد المسؤولية العقدية، [33] ذالك أن عقد البيع يلقى على عاتق البائع الإلتزام بضمان العيوب الخفية في الشيء المبي ـــــــ ع . [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] ب)- في حالة الإهمال في الصيانة:[/rtl]
[rtl] و يستطيع المالك الرجوع على الشخص المكلف بصيانة البناء، سواء كان هذا التكليف بناء على اتفاق خاص أو وفقا للقانون، [34] وفي هذا المعنى يستطيع المالك الرجوع على المستأجر إذا كان عق ــ د [/rtl]
[rtl]الإيجار قد نقل إلى هذا الأخير الإلتزام بتوقي خطر الإنهيار، غير أن هذا الإلتزام يقع في الحقيقة على عاتق المؤجر (المالك)، و هذا ما تنص عليه المادة 479 مدني جزائري. ( تفصيل ذالك سيكون لاحقا).[/rtl]
[rtl] و يمكن أن يعفى المالك من الإلتزام بالصيانة بصفة كلية أو جزئية، و يتحقق ذالك إذا كان مالك حق انتفاع ، ففي هذه الحالة فإن المنتفع هو الذي يتحمل القيام ببعض الإصلاحات. [35] [/rtl]
[rtl] و كذالك الشأن بالنسبة للمستأجر الذي يأخذ على عاتقه القيام بالإصلاحات الإيجارية، [36] ومن أمثلتها:إصلاح النوافذ و الأبواب و الزجاج و صنابير المياه، فإذا تهدم البناء نتيجة إخلال المستأجر أو المنتفع بالإصلاحات المفروضة عليه، جاز للمالك الرجوع على هذا الأخير، وفي هذا السياق قررت محكمة النقض الفرنسية بأن عدم إخطار المستأجر المالك (المؤجر) للقيام بالإصلاحات الضرورية، لا يعد سببا كافيا لإقامة مسؤولية المستأجر عليه.[/rtl]
[rtl] و يرى جانب من الفقه، أنه لا يجوز للمستأجر المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن نقص صيانة البناء، إلا إذا أخطر المؤجر (المالك) بصفة منتظمة للقيام بالإصلاحات الضرورية، [37] و تنص المادة 479 من القانون المدني الجزائري على التزام المؤجر بالقيام بالترميمات الضرورية، ومن أمثلتها إصلاح حائط آيل للسقوط و تقوية الأساسات الواهية و ترميم الأسقف الوشيكة الإنهيار، و إصلاح السلالم، ويتحمل المؤجر و ليس المستأجر الأضرار الناجمة عن القدم، لأن التزام المؤجر بالصيانة يتضمن بلا شك الترميمات اللآزمة بسبب القدم.[/rtl]
[rtl] و بالرغم من جواز رجوع المالك على المسؤول الحقيقي، فإنه يبقى مسؤولا متى كان المخطأ مجهولا (غير معروف)، أو معسرا. [38][/rtl]
[rtl] و يلاحظ في الأخير، أن أساس المسؤولية المنصوص عليها في المادة 140/2 مدني جزائري التي تقابل المادة 1384 مدني فرنسي، ليس بالضرورة هو خطأ المالك، بل يمكن أن يكون خطأ أشخاص آخرين كالمستأجر،أو المهندس المعماري، أو المقاول مثلا، أي أن النقص في الصيانة أو وجود عيب في البناء يفترض دائما وجود خطأ المالك أو خطأ شخص آخر، فإذا كان الخطأ منسوبا إلى المالك، فإن المسؤولية المنصوص عليها في المادة 140/2 مدني جزائري تشكل تطبيقا بسيطا للمادة 124 مدني جزائري، أما إذا كان الخطأ منسوبا إلى شخص آخر، فإن مسؤولية المالك في هذه الحالة تكون شبيهة [/rtl]
[rtl]إلى حد كبير بالمسؤولية عن فعل الغير، ويعتبر الخطأ منسوبا إلى المالك إذا قصر في صيانة البناء، [/rtl]
[rtl] أو كان يعلم بوجود عيب فيه، و لم يلزم المقاول بإصلاحه، و كذالك إذا لم يقم هو نفسه بذالك. [39][/rtl]
[rtl] و بهذا التحليل تظهر مسؤولية مالك البناء و كأنها عبء يرد على حق الملكية، [40] إذ ينبغي على المالك أن يتعهد بناءه بأن يقوم بترميمه و تجديده و إصلاح ما يظهر فيه من عيوب، اتقاء لما قد يحدث من أضرار للغير بسبب تهدمه.[/rtl]
[rtl]المبحث الثاني : أساس المسؤولية التقصيرية للمقاول والمهندس المعماري[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] قد تقوم المسؤولية التقصيرية للمقاول أو المهندس المعماري بالرغم من وجود عقد المقاولة ، و ذالك في ثلاث حالات ما هي إلا حلول قضائية ترمي إلى حماية ر ب العمل من غش وإهمال المقاول أو المهندس المعماري( المطلب الأول)، كما تجد المسؤولية التقصيرية للمقاول والمهندس المعماري تطبيقها من خلال دعوى الرجوع التي يقيمها ر ب العمل ضد المقاول الفرعي( المطلب الثاني)، و تستند مسؤولية كل من المقاول والمهندس المعماري نحو الغير المضرور أساسا إلى قواعد المسؤولية التقصيرية لعدم وجود عقد يربطهما، فدعوى المسؤولية التقصيرية هي السبيل الوحيد أمام الغير المضرور لحصوله على التعويض من المقاول أو المهندس المعماري( المطلب الثالث).[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]المطلب الأول: المسؤولية التقصيرية للمقاول و المهندس المعماري تجاه رب العمل [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] إذا كان من الثابت، أن التهدم الحاصل للبناء بعد التسليم النهائي للأعمال سببا لإعمال أحكام المسؤولية العشرية للمقاول والمهندس المعماري، شريطة أن يحدث التهدم خلال المدة القانونية المقررة لذالك.[/rtl]
[rtl] فإنه يثور التساؤل حول مدى خضوع المقاول والمهندس المعماري للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية، بالنسبة للأضرار التي تصيب ر ب العمل بسبب تهدم البناء بعد انقضاء مدة الضمان العشري؟.[/rtl]
[rtl] في الواقع أن التطبيق المبسط للمسؤولية العشرية، يجعل المقاول والمهندس المعماري في منأى عن أية مسؤولية تجاه ر ب العمل عما يمكن أن يحدث في البناء من تهدم، بعد انقضاء مدة الضمان العشري، ذالك أن التهدم الحاصل بعد انقضاء هذه المدة، لا يعد سببا كافيا لقيام المسؤولية المدنية للمقاول والمهندس المعماري، و لو كان التهدم راجعا إلى خطأ هذا الأخير في عملية التشييد، و في هذا الصدد يرى جانب من الفقه المصري براءة ذمة المقاول والمهندس المعماري تجاه ر ب العمل بمجرد انقضاء مدة الضمان عما يحدث من تهدم في البناء، و لو ثبت في جانبهما خط ـــ أ . [1] [/rtl]
[rtl] غير أن غالبية الفقه و القضاء الفرنسيين، يناديان بضرورة استبعاد المسؤولية العشرية على المشيدين لفائدة قواعد المسؤولية التقصيرية، تارة بحجة خروج الخطأ الصادر عن المقاول والمهندس المعماري عن نطاق العقد، و تارة استنادا إلى فكرة الحلول، وتارة أخرى إلى طبيعة الض ــــ رر.[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]أولا: حالة الغش أو التدليس:[/rtl]
[rtl] يجيز القضاء الفرنسي ل ر ب العمل الرجوع على المقاول والمهندس المعماري بالتعويض، استنادا إلى قواعد المسؤولية التقصيرية، و ذالك في ح الة الغش أو التدليس الصادر عن هذا الأخير، استنادا إلى فكرة مفادها أن الغش الذي يصدر عن المقاول والمهندس المعماري في مواجهة ر ب العمل بمناسبة تنفيذ التزاماته التعاقدية، يعتبر في نظر القضاء " خطأ خارجا عن نطاق العقد"، [2] ومن ثم فإنه يكتسي طابعا تقصيريا، و من شأنه تحريك قواعد المسؤولية التقصيرية الواردة في نص المادة 1382 من القانون المدني الفرنسي المقابلة للمادة 124 من القانون المدني الجزائري. [/rtl]
[rtl] و حسب هذا القضاء، يجوز ل ر ب العمل الرجوع على المقاول والمهندس المعماري وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، حتى في حال تخلف شروط المسؤولية العشرية، و بهذا الإجتهاد القضائي، فإن غش المقاول أو المهندس المعماري أو تدليسه من شأنه أن يحرمه من الاستفادة بمدة التقادم القصير المنصوص عليه في المادة 1792 مدني فرنسي المقابلة لنص المادة 554 مدني جزائري.[/rtl]
[rtl] و إذا كان هذا القول يصدق على الخطأ التدليسي، فإنه في نظر القضاء الفرنسي لا يصدق على الخطأ الذي مهما بلغت جسامته يظل خطأ عقديا، يخضع للمسؤولية العقدية.[/rtl]
[rtl] لكن المشرع الجزائري اعتنق موقفا مغايرا إذ سوى بين الخطأ الجسيم و الغش و التدليس و هو ما يستشف من نص المادة 172/2 من القانون المدني التي تقضي أن" و على كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطأه الجسيم ".[/rtl]
[rtl] و في اعتقادنا أن افتراض المشرع سوء النية في مرتكب الخطأ الجسيم هو ما جعله يسوي بين الخطأ الجسيم و التدليس. [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]ثانيا: حالة دعوى الحلول:[/rtl]
[rtl] قد يلزم ر ب العمل بوصفه مالكا بمفهوم نص المادة 140/2 مدني جزائري المقابل لنص المادة 1386 مدني فرنسي، بتعويض الغير المضرور عما لحقه من ضرر بس ب ب تهدم البناء، بدلا عن المسؤول الحقيقي، الذي غالبا ما يكون المقاول أو المهندس المعماري، و الذي ينسب عادة إلى خطئه العيب الموجود في البناء مصدر الضرر. [/rtl]
[rtl] يجيز القضاء الغالب في فرنسا ل ر ب العمل سلوك طريق دعوى المسؤولية التقصيرية، عن طريق حلوله محل الغير المضرور في دعواه ضد المسؤول الحقيقي عن تهدم البناء. [3] [/rtl]
[rtl] و تقبل محكمة النقض الفرنسية دعوى رجوع ر ب العمل بالتعويض الذي ألزم بدفعه للغير المضرور، على المقاول أو المهندس المعماري بوصفه المسؤول الحقيقي، و تستند في ذالك على فكرة الحلول، و يجب أن يكون رجوع ر ب العمل على المشيد مؤسسا، حسب محكمة النقض الفرنسية على المسؤولية التقصيرية لهذا الأخير، [4] ذالك أن ر ب العمل في رجوعه على المقاول أو المهندس المعماري بالتعويض الذي ألزم بدفعه للمضرور، يمارس في حقيقة الأمر نفس دعوى المضرور في مواجهة المسؤول الحقيقي و التي مبناها المسؤولية التقصيرية. [5] و يرى القضاء الفرنسي بضرورة استبدال التقادم العشري بالتقدم الطويل، وينبغي التعويض عن الضرر المتوقع وغير المتوقع. [6] [/rtl]
[rtl] و تجنب دعوى الحلول ر ب العمل انقضاء مدة الضمان العشري، و حتى تكون هذه الدعوى ناجحة يجب عليه إثبات خطأ المشيد أي وجود عيب في عملية البناء أدى إلى تهدمه.[/rtl]
[rtl] و يترتب على وجود مثل هذه الدعوى في القضاء الفرنسي، عدم جواز دفع المقاول أو المهندس المعماري بانقضاء مدة الضمان العشري لمواجهة دعوى رجوع ر ب العمل عليهما بالتعويض الذي دفعه للمضرور، ذالك أن دعوى المسؤولية التقصيرية لا تتقادم في القانون المدني الفرنسي إلا بمضي ثلاثين سنة من يوم وقوع الضرر، و في القانون لجزائري بخمسة عشرة سنة، و من الفقه ما يبرر عدم جواز دفع دعوى رجوع ر ب العمل بانقضاء مدة الضمان العشري، بأن المضرور لو سبق له و طالب المقاول أو المهندس المعماري مباشرة بالتعويض، ما كان لهذا الأخير أن يدفع دعواه بمثل هذا الدفع، لأن مسؤولية المقاول و المهندس المعماري تجاهه تقوم على أساس المسؤولية التقصيرية. [7] [/rtl]
[rtl] و يبرر بعض الفقه حق ر ب العمل في المطالبة بالتعويض الذي يكون قد ألزم بدفعه للمضرور من المقاول أو المهندس المعماري، على أساس أن ر ب العمل في هذا الفرض، يكون في مركز الكفيل، و الكفيل من الناحية القانونية له الحق في المطالبة بما يكون قد دفعه من المكفول. [8] [/rtl]
[rtl] إن رفض فكرة الرجوع عن طريق دعوى الحلول، بحجة انقضاء مدة الضمان العشري، يترتب عليه وضع غير مقبول، إذ يتحمل ر ب العمل في النهاية خطأ المقاول والمهندس المعماري بانقضاء هذه المدة، و بالمقابل يفلت المقاول و المهندس المعماري من المسؤولية الناتجة عن هذا الخطأ بفوات مدة العشر سنوات. [/rtl]
[rtl] بقي أن نشير إلى أن، ر ب العمل في دعوى الحلول لا يكون في مركز أفضل من مركز المضرور، لأن الأول يخضع لنفس شروط الثاني(الغير المضرور). [9][/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]المطلب الثاني : مسؤولية المقاول الفرعي تجاه رب العمل[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] من الأشخاص من يشارك في عملية البناء، بالرغم من عدم وجود عقد يربطهم ب ر ب العمل مباشرة، لكنهم في الواقع أبرموا عقودا مع شخص آخر، ومن هؤلاء المتدخلين نذكر المقاول الفرعي، الذي يساهم عادة في عملية البناء على نحو ما، بناء على طلب من المقاول الأصلي بموجب عقد مقاولة من الباطن، ويثور هنا تساؤل حول الطبيعة القانونية للمسؤولية التي قد يتحملها المقاول الفرعي تجاه ر ب العمل بسبب الأخطاء التي يرتكبها بمناسبة تنفيذ عقد المقاولة من الباطن، والتي قد تحدث تهدم البناء؟ كذالك يثور تساؤل حول طبيعة مسؤولية المقاول الأصلي تجاه ر ب العمل عن أخطاء المقاول الفرعي؟ و هل يقتصر نطاق مسؤولية المقاول الأصلي تجاه ر ب العمل عن أخطاء المقاول الفرعي دون تابعي هذا الأخير؟.[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الفرع الأول : الطبيعة القانونية لمسؤولية المقاول الفرعي تجاه رب العمل [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] يكون المقاول الفرعي مسؤولا حسب القواعد العامة، مسؤولية تقصيرية نحو الغير المضرور تماما مثل المقاول الأصلي، و لا يكون هذا الأخير مسؤولا نحو الغير المضرور عن أخطاء المقاول الفرعي بوصفه متبوعا، و هو بهذه الصفة يبقى المسؤول الوحيد نحو الغير المضرور عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء التي يرتكبها في تنفيذ عقد المقاولة من الباطن. [10] [/rtl]
[rtl] و يرى الفقه و القضاء الغالب في فرنسا أن العلاقة بين المقاول الفرعي و المقاول الأصلي تخضع للقواعد العامة للمسؤولية العقدية. [11][/rtl]
[rtl] أما في القانون الجزائري فلا يوجد نص يعرف المقاول الفرعي، ولا عقد المقاولة الفرعية لذالك سنستعين بتعريف القانون الفرنسي و ذالك لتحديد أساس مسؤوليته من خلال طبيعة العلاقة التي تربطه بالمقاول الأصلي، و يعرف القانون الفرنسي عقد المقاولة الفرعية في المادة الأولى من القانون رقم 75/1334 المؤرخ في 31/12/1975 التعلق بالمقاولة الفرعية إذ تنص هذه المادة:" المقاولة الفرعية في مفهوم هذا القانون، هي العملية التي بموجبها يعهد المقاول وتحت مسؤوليته إلى شخص آخر يدعى المقاول الفرعي، بتنفيذ كل أو جزء من عقد المقاولة أو صفقة عمومية مبرمة مع ر ب العمل". [/rtl]
[rtl] و بالعودة إلى القانون الجزائري، نجد أن المقاول الأصلي و حتى يستطيع أن يعهد بتنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول آخر، ينبغي ألا يوجد في العقد الذي يربطه ب ر ب العمل شرط يمنعه من ذالك، أو لا تكون طبيعة العمل تفترض الإعتماد على كفاءاته الشخصية . [12] [/rtl]
[rtl] و يستخلص من التعريف السابق أن المقاول الفرعي يعتبر أجنبيا في علاقته ب ر ب العمل و من ثم فلا يمكن أن تكون مسؤوليته تجاه ر ب العمل إلا تقصيرية، لانعدام العقد، ومن هنا فإن ر ب العمل يملك حق مباشرة دعوى المسؤولية التقصيرية.[/rtl]
[rtl] و يترتب على هذا الوضع، عدم جواز مساءلة المقاول الأصلي على أخطاء المقاول الفرعي، سواء نحو الغير المضرور أو نحو ر ب العمل باعتباره متبوعا، لأن المقاول الفرعي لا يعتبر تابعا للمقاول الأصلي.[/rtl]
[rtl] و لما كانت مسؤولية المقاول الفرعي تجاه ر ب العمل من طبيعة تقصيرية، فما هو موقف المقاول الأصلي تجاه ر ب العمل بالنسبة لأخطاء المقاول الفرعي؟، وإذا كان مسؤولا فهل تقتصر مسؤوليته عن أخطاء المقاول الفرعي دون تابعي هذا الأخير؟.[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الفرع الثاني : مسؤولية المقاول الأصلي تجاه رب العمل عن أخطاء المقاول الفرعي[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] يعتبر المشرع الجزائري المقاول الأصلي مسؤولا تجاه ر ب العمل عن خطأ المقاول الفرعي من خلال نص المادة 564 من القانون المدني المقابلة للمادة 1779 مدني فرنسي و المادة 661 مدني مصري.[/rtl]
[rtl] نذكر أنه في المجال العقدي، أي خطأ يرتكبه الشخص الذي ينفذ العمل يعتبرمن الناحية القانونية مثل خطأ الشخص الموكل إليه العمل بموجب عقد المقاولة، إذ يعتبر الخطأ المرتكب بمناسبة تنفيذ العقد مثل الخطأ الشخصي للمدين، حتى ولو كان الخطأ قد ارتكب من طرف شخص آخر يستخدم عادة في تنفيذ هذا العقد. [13] [/rtl]
[rtl] و بهذا المفهوم تعتبر مسؤولية المقاول الأصلي تجاه ر ب العمل عن خطأ المقاول الفرعي، مسؤولية عقدية عن فعل الغير. [14][/rtl]
[rtl] و نلاحظ في هذا الصدد أن المشرع الجزائري، لم ينظم قواعد المسؤولية العقدية عن فعل الغير في قاعدة عامة، مثلما فعله المشرع الفرنسي، لكنهما نظما قواعد المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير. [15] [/rtl]
[rtl] ومن الواضح أن مسؤولية المقاول الأصلي عن فعل المقاول الفرعي، لا يمكن اعتبارها تطبيقا خاصا للقواعد العامة في مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه، لأن المقاول الفرعي يستقل في تنفيذه لعمله استقلالا تاما عن المقاول الأصلي، فلا يعتبر تابعا له.[/rtl]
[rtl] غير أننا نجد المشرع الفرنسي يعرف تطبيقا خاصا للمسؤولية العقدية عن فعل الغير في مجال عقد المقاولة، و ذالك من خلال نص المادة 1770 مدني التي تنص على أنه:" يسأل المقاول عن فعل الأشخاص الذين يستخدمهم"، و يقابل هذا النص في القانون المدني الجزائري نص المادة 564/2 التي تنص على أنه:" ولكن يبقى ( المقاول الأصلي) في هذه الحالة، مسؤولا عن المقاول الفرعي تجاه رب العمل". [/rtl]
[rtl] و نلاحظ في هذا السياق أنه لا يوجد اختلاف كبير بين النصين، سوى صياغة النص الفرنسي الذي جاء أوسع. [/rtl]
[rtl] لقد كان الفقه الفرنسي التقليدي، يعتبر نص المادة 1779 مدني فرنسي مجرد تطبيق بسيط لنص المادة 1384/5 مدني فرنسي، المتعلقة بمسؤولية المتبوع عن فعل تابعه، و قد سار الإجتهاد القضائي الفرنسي التقليدي في نفس هذا الإتجاه، مقررا أن المقاول بمفهوم نص المادة 1779 مدني فرنس ـ ي، لا [/rtl]
[rtl]يسأل إلا عن أخطاء الأشخاص التابعين له، و الذين يستخدمهم في تنفيذ العقد المبرم بينه و بين ر ب العمل، في حين نجد محكمة النقض الفرنسة تقرر في حكم لها مؤخرا أن نص المادة 1384/5 مدني فرنسي غير قابل للتطبيق في المجال العقدي و أن مسؤولية المقاول عن فعل الأشخاص التابعين له، و الذين يستخدمهم في تنفيذ العقد و فقا للمادة 1779 مدني فرنسي، لا يمكن أن تكون إلا عقدية. [16] [/rtl]
[rtl] لكن الحقيقة أن مضمون نص المادة 1384/5 مدني فرنسي يختلف عن مضمون نص المادة 1779 من نفس القانون، ذالك أن نص المادة1384/5 لا يثير المسؤولية التقصيرية للمتبوع إلا عن عمل تابعيه، شريطة ألا يتصرف هؤلاء خارج ما وكلوا به، بينما نص المادة 1779 فيتعلق بالمسؤولية العقدية عن فعل الأشخاص الذين يستخدمهم المقاول الأصلي في تنفيذ العقد. [17] [/rtl]
[rtl] و بهذا المعنى، يكون المشرع الجزائري قد نص على المسؤولية العقدية عن فعل الغير في المادة 564/2 مدني، فقط يؤخذ على هذا النص أنه قصر المسؤولية العقدية للمقاول الأصلي تجاه ر ب العمل عن فعل المقاول الفرعي دون تابعي هذا الأخير، على عكس ما أقره المشرع الفرنسي في نص المادة 1779 المذكورة آنفا.[/rtl]
[rtl] و نخلص في الأخير إلى أن المسؤولية العقدية عن فعل الغير، تقترب كثيرا من المسؤولية العقدية عن الفعل الشخصي، عنها من المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير، و هو ما يستشف من نص المادة 564/2 من القانون المدني الجزائري التي تجعل مسؤولية المقاول الأصلي عن فعل الغي ــــ ر ( المقاول الفرعي) مسؤولية عقدية. [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]المطلب الثالث : المسؤولية التقصيرية للمقاول والمهندس المعماري تجاه الغير [/rtl]
[rtl] من البديهي و المنطقي أنه نظرا لعدم وجود أي عقد يربط كل من المقاول والمهندس المعماري، و الغير المضرور، أن هذا الأخير في حال تضرره من عملهما، ليس له أن يسلك إلا سبيل دعوى المسؤولية التقصيرية كأساس لحصوله على التعويض، كما تبقى مسؤولية المقاول بالمهندس المعماري تقصيرية كذالك لنفس العلة، و سنحاول دراسة هذه المسؤولية، حسب علاقة كل طرف.[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الفرع الأول : مسؤولية المقاول و المهندس المعماري عن الخطأ الشخصي واجب الإثبات[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] يخول المشرع الجزائري للمضرور من جراء تهدم البناء تبعا لخطأ المقاول أو المهندس المعماري، الرجوع على أحدهما استنادا إلى المسؤولية التقصيرية المبنية على الخطأ الواجب الإثبات المنصوص عليه في المادة 124 مدني جزائري.[/rtl]
[rtl] ومن ثم يجد المضرور نفسه مجبرا في سلوكه هذا الطريق، أن يثبت الخطأ في جانب المقاول أو المهندس المعماري، و لا يتسنى له ذالك إلا عن طريق إثارة إخلال المقاول أو المهندس المعماري بإحدى الإلتزامات المترتبة عن العقد لذي يربطهما ب ر ب العمل، دون أن يستطيع المقاول أو المهندس المعماري التخلص من مسؤوليته بالإدعاء أنه قد نفذ العقد على نحو صحيح. [18] [/rtl]
[rtl] و قد قضي في هذا السياق بمسؤولية المهندس المعماري تقصير يا في مواجهة الغير، لأنه لم يراقب أعمال المقاول كما يجب، [19] و يرى الأستاذ:" مازو" أنه يجوز للغير المضرور أن يتمسك بخطأ المقاول العقدي، شريطة أن يكون هذا الخطأ هو السبب في الضرر الذي أصابه.[/rtl]
[rtl] و نستخلص مما سبق أن مجرد إخلال المقاول أو المهندس المعماري بإحدى التزاماته العقدية، يعتبر مسؤولا مسؤولية عقدية تجاه ر ب العمل، و في نفس الوقت يشكل خطأ تقصير يا في مواجهة الغير المضرور، لكن دون القول بوجود تلازم ضروري بين الخطأين. [20][/rtl]
[rtl] و لما كان كل من المقاول و المهندس المعماري، يرتبط بعقد مستقل مع ر ب العمل، فإن هذا يسوغ لكل واحد منهما الرجوع على الآخر بالتعويض عن الضرر الذي يصيبه من جراء تهدم البناء، إذا كان سبب هذا التهدم راجعا إلى خطأ أحدهما استنادا إلى المسؤولية المبنية على الخطأ الثابت.[/rtl]
[rtl] و لما لم توجد هناك علاقة مباشرة بين المالك( ر ب العمل) و بين العمال و الفنيين و المقاولين الفرعيين الذي تربطهم علاقة مباشرة بالمقاول الأصلي أو المهندس المعماري، فإن رجوع المالك على أي منهم لا يكون إلا على أساس المسؤولية التقصيرية. و يلاحظ أن المضرور لو استند في مطالبته بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية فإنه لا محالة يجد نفسه ملزم بتحمل عبء إثبات الخطأ في جانب المسؤول، على العكس من ذالك لو اتبع أحكام المسؤولية عن حراسة الأشياء. [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الفرع الثاني: مسؤولية المقاول و المهندس المعماري بصفتهما حارسين للبناء[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] من الجائز للمضرور المطالبة بالتعويض استنادا إلى أحكام المسؤولية المتعلقة بحراسة الأشياء المنصوص عليها في المادة 138 من القانون المدني الجزائري، المقابلة لنص المادة 1384/1 من القانون المدني الفرنسي، و ذالك بالنسبة للأضرار التي يسببها البناء جراء انهدامه أتناء فترة تشييده. لأن حراسة البناء أثناء تلك الفترة تكون بين يدي المقاول أو المهندس المعماري بوصفهما صاحبي السيطرة الفعلية على البناء و سلطة توجيه الأعمال و تسييرها، [21] و نجد الإجتهاد القضائي الفرنسي يرفض تطبيق أحكام المادة 1386 مدني فرنسي المتعلقة بأحكام مسؤولية مالك البناء، في حال وقع تهدم البناء أثناء فترة التشييد، و لايعتبرالمالك حارسا للبناء أثناء فترة تشييده، لأنه لا يمارس سلطة فعلية عليه، إلا إذا أدى بنفسه دور المقاول العام، بتوجيه أعمال المقاولين المكلفين بإنجاز البناء. [22] [/rtl]
[rtl] ولما اعتبر المقاول أثناء فترة التشييد صاحب السيطرة الفعلية على البناء، وهو الذي تكون بيده إمكانية حفظ البناء و تعهده بالرعاية والإصلاح و الصيانة، إلى حين تسليمه ل ر ب العمل، و بالتالي يعتبر المقاول أو المهندس المعماري حسب الحالة المسؤول في مواجهة الغير المضرور عما لحقه من ضرر أثناء فترة التشييد، شريطة أن يكون المقاول أو المهندس المعماري مستقلا في أداء عمله عن ر ب العمل، و إلا فالمسؤولية تكون على عاتق هذا الأخير مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه.[/rtl]
[rtl] و في حالة إصابة أحد عمال المقاول الذين يستخدمهم في تنفيذ العقد الذي يربطه ب ر ب العمل، فإن العامل المصاب لا يمكنه المطالبة بالتعويض عما أصابه إلا وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، لأن عقد العمل الذي يربطه بالمقاول، لا يرتب في ذمة الأخير الإلتزام بالسلامة، و يستفيد عمال المقاول من تشريع حوادث العمل، و بفضله لا يلزمون بإقامة الدليل على خطأ ر ب العمل(المقاول). [23][/rtl]
[rtl] كما يمكن للعامل المصاب أن يرجع على المقاول و المهندس المعماري على أساس مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه، إذا كانت الإصابة سببها خطأ زميل آخر له في نفس مكان العمل، متى صدر عنه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها . [24] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الفرع الثالث : رجوع المهندس( الذي أوفى بكامل التعويض للمضرور) على المقاول أو العكس[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]أولا: مبدأ الرجوع[/rtl]
[rtl] إن المادة 554 من القاون المدني الجزائري صريحة في النص على تضامن المقاول والمهندس المعماري في مسؤوليتهما تجاه ر ب العمل، عن تهدم البناء، كما أنه من المسلم به في فرنسا أيضا، مسؤولية كل منهما عن كامل دين التعويض في إطار ما يقال عنه " الإتزام التضاممي"، و الذي يبنى في الر أ ي الراجح ، على مساهمة كل منهما بخطئه في تحقق الضرر بكامله.[/rtl]
[rtl] كذالك يتضامن المهندس و المقاول في مسؤوليتهما التقصيرية تجاه الغير المضرور.[/rtl]
[rtl]و لما كان التضامن أو (التضامم)، مقررا أصلا لمصلحة المضرور، فإنه من الطبيعي أن يقسم دين التعويض فيما بين المهندس و المقاول، بمعنى أن من يفي منهما به كاملا للمضرور، يمكنه الرجوع بجزء منه على الآخر، إذا قدر أنه مسؤول معه عن الضرر الذي وقع.[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]ثانيا: أساس الرجوع[/rtl]
[rtl] الأصل في هذا الشأن أن يتأسس الرجوع على دعوى الموفي الشخصية، لكن يثور التساؤل عما إذا كان بإمكانه- في الفرض الذي يكون المضرور فيه هو ر ب العمل- أن يحل في هذا الرجوع محل هذا الأخير؟.[/rtl]
[rtl] يمكن التأكيد على انه في مصر، بأن للمشيد الموفي أن يحل محل ر ب العمل في الرجوع على المشيد الآخر، إذا رأى في ذالك مصلحة، فحقه في هذا الحلول تكفله المادة 651 مدني باعتباره ملزما بالدين مع المشيد الآخر، و إن كان الدكتور محمد شكري سرور، يعتقد أن إفادة المشيد من قرينة المسؤولية التي يقوم عليها نظام الضمان العشري، ومن ثمة إعفاءه بموجب الحلول فيه من إثبات خطأ شريكه في المسؤولية، يفتقر إلى المبرر، فهو- على العكس من ر ب العمل- شخص محترف، لا يشق عليه إقامة الدليل على هذا الخطأ.[/rtl]
[rtl] و في فرنسا يرى جانب من الفقه، دون القضاء، بأن أساس رجوع الموفي على المشيد الآخر، هو الدعوى الشخصية المباشرة، أي دعوى المسؤولية التقصيرية. [25][/rtl]
[rtl] أما في القانون المدني الجزائري و من خلال نص المادة 554 و التي تقابل نفس نص المادة 651 مدني مصري المذكورة أعلاه، و بالقياس عليها يمكننا القول و حسب اعتقادنا، أنه يجوز للمشيد الموفي [/rtl]
[rtl]أن يحل محل ر ب العمل في الرجوع على المشيد الآخر، و الذي يجد أساسه في المادة 554 مدني جزائري، أي يمكننا تطبيق نفس الحكم في القانون المدني الجزائري في شأن الحلول.[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]ثالثا: نتائج تأسيس الرجوع على قواعد المسؤولية التقصيرية[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] رتب القضاء الفرنسي، على ما اعتمده في هذا الشأن، وجوب قيام الوفي الدليل على خطأ خارج عن العقد، [26] في جانب المشيد الآخر، أو كما عبرت عنه محكمة النقض: خطأ تتوافر فيه " مواجها في ذاته و بمعزل عن أي مفهوم عقدي " صفة الخطأ التقصيري.[/rtl]
[rtl] لكن ذالك لا يعني أن محكمة النقض لا تجيز في هذا الشأن الإستناد إلى ا ل خطأ العقدي، إنما تستلزم فقط ألا يكتفي قضاة الموضوع- في انتهائهم إلى الحكم على المشيد الآخر بجزء من التعويض- بتبيان وجود مثل هذا الخطأ في جانبه، و إنما أن يوضحوا أيضا أن هذا الأخير يشكل كذالك خطأ تقصير يا، [/rtl]
[rtl]وإ لا كان حكمهم مشوبا بالقصور في التسبيب، و هو ما يرى فيه البعض أنه مجرد اقتضاء شكلي، [27] حيث:"لا يوجد فارق في الدرجة بين الخطأ العقدي والخطأ التقصيري، [28] وأن ما يتعين على قضاة الموضوع أن يعولوا عليه بالأولى، في هذا الشأن، ليس هو طبيعة الخطأ المنسوب للمشيد الآخر، و إنما مدى توافر علاقة السببية بينه- أيا كانت طبيعته- و الضرر الذي أصاب المشيد الموفي، لأن صفة الخطأ لفعل ما، هي صفة مطلقة وليست صفة نسبية. [29][/rtl]
[rtl] بقي أن نشير في الأخير، أن المشرع الجزائري من خلال التعديل الأخير للقانون المدني بموجب القانون رقم 05/10 المؤرخ في 20 يونيو سن ــ ة 2005، جاء بحكم جدي ــ د في الم ـــ ادة المستحدثة 140/مكرر1 والتي تنص على أنه:"إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني و لم تكن للمضرور يد فيه، تتكفل الدولة بالتعويض عن هذا الضرر.[/rtl]
[rtl] إن أول ملاحظة يمكن إبدائها على نص هذه المادة أنه جاء في صيغة عامة، بما معناه أنه ينطبق على جميع الحالات التي يقع فيها المضرور ضحية ضرر جسماني، و لا تكون له يد فيه أي ينعدم في جانبه ما يعرف بخطأ المضرور، و لا يوجد من تقوم المسؤولية في حقه، فيمكن للمضرور الإستنجاد [/rtl]
[rtl]بهذا النص، لكن السؤال الوجيه و الواجب طرحه في هذا الصدد، هو ما هي الجهة التي يلجأ إليها لاقتضاء التعويض؟ و ما هي الإجراءات الواجب إتباعها أمامها؟ هل هي جهة إدارية نظرا لتوافر المعيار العضوي ؟ هل يمكن إدخال الوكيل القضائي للخزينة في الخصومة؟ و هل يتمسك بحكم المادة المذكورة عن طريق دعوى أصلية أم عن طريق دفع ؟. [/rtl]
[rtl] الحقيقة أنه و لحداثة هذه المادة، لم تسعفنا أية أحكام قضائية للإجابة عن مثل تلك التساؤلات ،الأمر الذي نأمل تحققه في المستقبل القريب.[/rtl]