ففي أحايين كثيرة يكون الأدب منجاة .. و حسن المنطق و الكلام حماية للمرء من حتف يلحق به أو مكروه يصيبه
و الأدب زين للرجال و كما جاء في الخبر : جمال الرجل فصاحته ..
و قد حوى كتاب - قليلا من الادب - جملة من فوائد الأدب التي تعين المرء على دنياه أو تخلّصه من مكاره قد تلحق به
وحري بي و بإخواني أن نشدّ الأُزر و أن نلتفت إلى الأدب و فصيح الكلام و بديع النثر و جميل الشعر
نصقل به ألسنتنا و نتجمّل به فالعربية الفصحى لا يتذوقها الى عربي فصيح ..
و هذه قصة تبيّن كيف خلّص نفسه من موت محقق بما رزقه الله من قريحة شعرية أعادت مجده
قصة تميم بن جميل فإنه خرج على المعتصم في أيام دولته و نزع يده من الطاعة ثم جيء به أسيرا و قد اجتمع الناس اليه ينظرون كيف سيقتله المعتصم و كان المعتصم قد جلس له مجلسا و أذن للناس بالدخول و دخل تميم و و فُرِشَ له النَّطْعُ و حضر السََّّاف و تميم غير دَهِشٍ و لا وَجِلٍ فقال له المعتصم : ان كان لك عذر فأت به
فقال : إن الذنوب يا أمير المؤمنين تخرس الألسنة الفصيحة و تُعيِي الأفئدة الصحيحة ووالله لقد كَبُر الذنب و عظمت الجريرة و انقطعت الحجة و ساء الظن و لم يبق الا عفوك و انتقامك ولأنت الى العفو أقرب و هو بك أشبه و أليق ثم أنشد حالا و ارتجالا :
أرى الموت بين السيف و النَّطْع كامنا °°° يلاحظني من حيث ما أتَلَفَّتُ
و اكبر ظني أنك اليوم قاتلي °°° و أيّ إمرئ مما قضى الله يَفلِت
و أيّ امرئ يأتي بعذر و حجة °°° و سيف المنايا بين عينيه مُصْلَتُ
و ما جزعي من أن اموت و إنني °°° لأعلم أن الموت شيئ مؤقت
و لكن خلفي صبية ٌ قد تركتهم °°° و اكبادهم من حسرة تتفتّتُ
كاني أراهم حين أُنْعَى إليهم ُ°°° و قد خَمَشوا تلك الوجوه و صوّتوا
فإن عشتُ عاشوا سالمين بغبطةٍ °°° أذود الردى عنهم و ان متُّ مَوَّتوا
فبكى المعتصم و قال : إن البيان لسحرا يا تميم كاد السيف أن يسبق العفو و قد وهبتك لله تعالى و لصبيتك ثم أمر بفك قيوده و عقد له الولاية على موضعه الذي كان قد خرج منه
النطع هو : ثوب يبسط ليجمع فيه دم القتيل ..