هذي المَحَابِرُ سِحْرُهَا غَلاَّبُ
الوزنُ يَحكُمُ والهوى يَنسَابُ ..
لَحْنٌ يَفِيضُ بِحكمةٍ مِن رُوحِهَا
نَغَمٌ , وقافيةٌ لها إعْرَابُ ..
نَزْفُ القَصَائِدِ قاتلي في وَحْدَتي
الشِعرُ حُبٌ مَا لَهُ أَسبابُ ..
مَا لِلمَعاني تَرْتَمِي فِي رَاحَتِي
إنَّ القَصَائِدَ فِتْنَةٌ وعَذابُ ..
تَأْتِي عَليَّ بِثَورةٍ تَجتَاحُنِي
فأَظلُّ أَنْزِفُ والمَدَى أَعصَابُ ..
قَلَمِي يَصيحُ , وليسَ ثَمةَ سَامِعٌ
فِي عَالَمٍ سَادَت بِهِ الأذنَابُ ..
قتلوا القَصَائِدَ حِيْنَمَا ثَارَت بِهم
فهل الحَقِيقَةُ لَعنةٌ ,وعِقَابُ ..
يَتَحَكّمُونَ بِفِكرِنَا , وشُعُورِنَا
فَالشعرُ سِجنٌ مَا لَهُ أَبوَابُ ..
حَكَمُوا عَلينَا بالقطيعةِ دَائِمَاً
الكَلْبُ كلبٌ , والذِئَابُ ذِئَابُ ..
هَمَجٌ تُحَارِبُنِي لِأجلِ عَقِيدَتي
وسِياسَةٌ مِن نَفسِهَا تَرتَابُ ..
نَقَمُوا عَليَّ بِأنني فَاصَلْتُهم
وبأنَّ شِعري لَيْسَ فِيهِ ضَبَابُ ..
لَو كُنتُ مَدَّاحاً لَهُم , أو كَاذِبَاً
قَالُوا : قَصِيدُكَ سِحْرُهُ غَلاَّبُ ..
هَاتِ البَلاَغَةَ أنتَ مِن حُرَّاسِهاَ
مَا لِلقَصِيدَةِ بَعْدَكُم أَصحَابُ ..
واللهِ لا أرضى بِهِم مَهمَا عَلوا
مَا تَفعَلُ الأزلامُ و الأَنْصَابُ ..
واللهِ لَن أرضى مَدِيحَاً كَاذِبَاً
يَسعى بِهِ الدجَّالُ ,والعَرَّابُ ..
بَعضُ القَصَائدِ تَستَحِي مِن زُورِهَا
فَحُرُوفُهَا قَذَرٌ عَلَيهِ ذُبَابُ ..
قَاءَت على وزنِ الحروفِ رَجِيعَهَا
فَرَجِيعُهَا يَلهو بهِ النَصَّابُ ..
و مِن القَصَائِدِ رَوْعَةٌ نَسموا بِهَا
إن خَانَهَا الرِّعْديِدُ و الكَذابُ ..
الشعرُ صِدْقٌ في المَشَاعِرِ فاصدُقوا
ما في المَعَانِي حَضْرةٌ و غِيَابُ ..
لا تَكْتُبوا غَيرَ الفَضِيلَةِ واعلموا
أنَّ الحَيَاةَ نِهَايةٌ و إِيَابُ ..
لا تَسْجُدُوا للظَالِمين لِتسلموا
المَوتُ حَقٌ والمَدَى دُوْلاَبُ ..
مَا فِي الحَيَاةِ مُخَلَّفٌ , أو خَالِدٌ
الدَّيْنُ يُقْضَى والقَضَاءُ كِتَابُ ..
لَهَفِي على الأشعَارِ ضَاعَ حُمَاتُها
فَتَمَلكَتهَا بَعْدَهُم أَغْرَابُ ..
غَابَت مَلاَمِحُهَا و غَابَ جَمَالُهَا
فَتَقَاصَرت مِن دُونِهَا الأثوَابُ