المزيج التسويقي للخدمات: Service Marketing Mix
بدهي أنه في النشاط التسويقي ـ ينبغي على رجل التسويق اختيار الاستراتيجيات والسياسات المناسبة بخصوص ماهية وطبيعة الخدمات المطلوب تقديمها للعملاء، ومدى تنوع هذه الخدمات، وما يمكن القيام به لإضافة خصائص إضافية لها مثل تقديم الضمانات أو ما شابه ذلك، وهذا ما يوجب علينا معرفة المزيج التسويقي للخدمات، والتي تعتمد طبيعته على عدة عوامل أهمها: ظروف وأهمية التنظيم وطبيعة العملاء، وغيرها من العوامل المؤثرة، وهذا ما حدا بـ: Booms and Bitner إلى إضافة ثلاثة عناصر إلى العناصر الأربعة التقليدية للمزيج التسويقي، بحيث أصبحت عناصر المزيج التسويقي الخدمي مؤلفة من سبعة عناصر هي:
1 ـ الخدمة أو المنتج: Product.
2 ـ السعر: Price.
3 ـ التوزيع:Place.
4 ـ الترويج: Promotion.
5 ـ الأفراد: People.
6 ـ الدليل المادي: Physical evidence.
7 ـ العملية: Process.
هذه العناصر هي التي تجعل إدارة المنشأة الخدمية تواجه العديد من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات شافية، ومن هذه الأسئلة مثلاً:
ـ من هم الأشخاص الذين يقبلون على الاستفادة من خدمات هذه المنشأة الخدمية؟
ـ لماذا يقبلون على هذه الخدمات بالذات؟
ـ ما الذي يؤثر على اختيارهم لهذه المنشأة دون سواها؟
هذه الأسئلة وغيرها تجعل رجل التسويق في المنشأة الخدمية يحتاج إلى التوفيق بين العناصر التسويقية السابقة للذكر، وإلى توجيهها لتحقيق أهداف المنشاة الخدمية من خلال العمل على إرضاء العملاء والمستفيدين بطريقة أفضل مما يقدمه المنافسون في السوق.
إن المزيج التسويقي الخاص الذي تتبناه أو تختاره مؤسسة معينة سيختلف بالطبع عما تختاره مؤسسة أخرى طبقاً للظروف السائدة (مثال ذلك، مستوى الطلب، عمر الخدمة المقدمة..الخ)، وعليه فإن عملية المزيج التسويقي تتطلب تغييراً لعناصر المزيج بما ينسجم مع متغيرات واحتياجات السوق، بمعنى أنه لا يوجد مزيج تسويقي واحد يصلح لكل الظروف والحالات. وبالتأكيد فإن عناصر المزيج التسويقي نفسها غالباً ما تتداخل مع بعضها البعض, فلا يمكن في الواقع العملي اتخاذ قرار حول عنصر معين من عناصر المزيج التسويقي بمعزل عن العناصر الأخرى,. كما أن الأهمية النسبية لكل من عناصر المزيج التسويقي قد تتباين حسب الظروف والأزمنة.
وتأسيساً على ما تقدم، وبالنظر للطبيعة غير الاعتيادية لقطاع الخدمات، فإنه يتطلب من مديري تسويق الخدمات التعامل بحذر شديد، ودقة متناهية مع موضوع تكوين المزيج التسويقي الخدمي، ولا عجب والحالة هذه أن نجد في الواقع العملي مؤسسات خدمة كثيرة تنتهج أكثر من أسلوب في تكوين مزيجها التسويقي، وذلك اعتماداً على فصول السنة أو أنماط الطلب أو طبيعة المستفيدين, أو مستوى مشاركة المستفيد في «إنتاج» الخدمة، أو حسب درجة التفاعل بين مورد الخدمة والمستفيد، وفيما يلي نسلِّط الضوء باختصار شديد على هذه العناصر السبعة:
أولاً ـ الخدمة:
يلاحظ من عناصر المزيج التسويقي للخدمات آنفة الذكر أن منتج الخدمة يتطلب من أية مؤسسة خدمية أن تعير اهتماماً لعدة جوانب تتعلق بالخدمة، مثل مدى أو نطاق الخدمات المقدمة، وجودتها، ومستواها، كما ينبغي على مؤسسة الخدمة إيلاء الاهتمام لجوانب أخرى مهمة مثل استخدام الأصناف الخدمية، وضمانات الخدمة، وخدمات ما بعد بيع الخدمة.
ثانياً ـ السعر:
إن الاعتبارات المتعلقة بالسعر تتضمن مستويات الأسعار، والحسومات والعمولات وشروط الدفع والائتمان، وقد يلعب السعر دوراً مهماً في تمييز خدمة عن أخرى، وعليه، فإن إدراكات المستفيد للقيمة المتأتية من حصوله على الخدمة، والتفاعل بين السعر والجودة، هي اعتبارات مهمة في العديد من جوانب المزيج التسويقي الفرعية المتعلقة بتسعير الخدمة (Service Price Mixes).
ثالثاً ـ التوزيع:
إن موقع موردي الخدمة (Location of service providers) وكيفية الوصول إليها (Accessibility) يُعد من العوامل المهمة في تسويق الخدمات, وإن كيفية الوصول إلى موردي الخدمة لا تختص فقط بعملية الوصول المادي (physical Accessibility) وإنما تشمل أيضاً وسائل الاتصال الشخصي والاتصالات الأخرى، وعليه، فإن أنواع قنوات التوزيع المستخدمة (مثلاً وكلاء السفر) وتغطية قنوات التوزيع تعد من القضايا المهمة المرتبطة بعملية الوصول إلى مكان تقديم الخدمة.
رابعاً ـ الترويج:
يتضمن الترويج الوسائل المختلفة للتواصل مع الأسواق من خلال الإعلان، ونشاطات البيع الشخصي، وتنشيط المبيعات، والدعاية، والعلاقات العامة، وغيرها من عناصر المزيج الترويجي. هذه العناصر هي عناصر تقليدية، ويحتاج مدير تسويق الخدمات إلى تضمين مزيجه الترويجي عناصر أخرى أكثر وضوحاً مثل الناس، والدليل المادي وعملية تقديم الخدمة.
خامساً ـ الناس:
يحتوي نموذج بوردن التقليدي للمزيج التسويقي عنصر الناس فقط تحت تسمية البيع الشخصي، وقد أخفق بوردن في تضمين جانبين مهمين جداً من عنصر (الناس)، وهذان الجانبان هما:
الجانب الأول: إن الناس الذين يؤدون دوراً إنتاجياً أو تشغلياً في مؤسسات الخدمة(مثل الكتبة في البنك، أو الطهاة في المطعم)، يشكلون جزءاً مهماً من منتج الخدمة، بل هم يساهمون أيضاً في إنتاج الخدمة، مثلهم تماماً مثل مندوبي البيع، ومن الصفات أو السمات المميزة في كثير من مؤسسات الخدمة، أن الموظفين التشغيليين يقومون بأدوار مزدوجة، فهم يقومون بإنجاز الخدمة أو أدائها بالإضافة إلى دورهم في بيع الخدمة، إن طريقة إنجاز الخدمة أو أسلوب أدائها يعد حاسماً بالنسبة لبيع الخدمة تماماً، كما هو الحال في نشاط البيع التقليدي.
وهذا ما يؤكده دافيد سون بقوله: «إن السر الكامن وراء نجاح مؤسسات الخدمة هو الإقرار علناً بأن العاملين من ذوي الاتصال الشخصي المباشر بالعملاء، هم الجزء الأهم الذي يشكل عنصر الناس في مؤسسة الخدمة».
الجانب الثاني: إن العلاقات التفاعلية بين المستفيدين من الخدمة أنفسهم تعدَّ في غاية الأهمية في قطاع الخدمات، لأن إدراكات المستفيد حول جودة الخدمة قد تتشكل وتتأثر بفعل المستفيدين الآخرين, فسلوك نزلاء فندق معين، أو رواد مطعم معين قد تؤثر على شكل وجودة الخدمة المقدمة, والمشكلة التي تواجه المديرين في حالات كهذه تكمن في صعوبة تسيير هذه العلاقات.
سادساً ـ الدليل المادي:
يلعب الدليل المادي دوراً هاماً في عملية التبادل في السوق ولا يوجد إلا القليل جداً من الخدمات الصرفة التي لا يلعب فيها هذا الدور، وعليه، فإن مكونات الدليل المادي المتوفرة سوف تؤثر في أحكام المستفيدين حول مؤسسة الخدمة المعنية. ويتضمن الدليل المادي عناصر مثل البيئة المادية (الأثاث، اللون، الديكور، الضوضاء)، والسلع التي تسهل عملية تقديم الخدمة (مثلاً السيارات التي تستخدمها شركة لتأجير السيارات)، وأشياء ملموسة (مثل الشارات التعريفية التي تستخدمها شركات الطيران على أمتعة المسافرين للتعريف بها) وغيرها.
سابعاً ـ عملية تقديم الخدمة:
إن الكيفية التي يتم من خلالها تقديم الخدمة تعدُّ حاسمة بالنسبة لمؤسسات الخدمة, لأن عملية تقديم الخدمة تضم أشياء في غاية الأهمية، مثل السياسات والإجراءات المتبعة من قبل مؤسسة الخدمة، لضمان تقديم الخدمة إلى المستفيدين، كما تشتمل هذه العملية على نشاطات أخرى مثل: المكننة، وتدفق النشاطات، وحرية التصرف أو الاختيارات الممنوحة للقائمين على تقديم الخدمة، وكيفية توجيه المستفيدين، وحفزهم على المشاركة في عملية تقديم الخدمات.